Pages

April 28, 2010

البرادعي المرشح والبرادعي الحلم

سنحت لي الفرصة لحضور لقاء الدكتور محمد البرادعي مع الجالية المصرية في الولايات المتحدة الأمريكية الذي عقد في فندق ماريوت بمدينة بوسطن. و قد حضر اللقاء لفيف من المصريين المثقلين بهموم وطنهم من كافة الأعمار والمجالات. وقد سنحت لي الفرصة أيضاً لأتحدث معه لبضعة دقائق.
لم يكن في حديث البرادعي شيء جديد أو مختلف عن ما قاله في أحاديثه التلفزيونية أو الصحفية السابقة. فالذي تأكد لي أنه حان الوقت لكى نفرق بين البرادعي المرشح المحتمل للرئاسة وبين البرادعي الحلم. فالخلط بين الإثنين قد يؤدي إلى الإحباط أو قد يدفع البعض إلى الهجوم عليه.
البرادعي المرشح المحتمل للرئاسة لايملك حتى الأن برنامجاً واضحاً للنهضة الشاملة بمصر. كما أنه شديد الدبوماسية مع خصومه،لم يهاجم أو يتهم أحد، حتى أنه مازال حسن الظن بالنظام الحاكم، فهم، على حسب كلامه، يظنون أنهم يعملون لصالح مصلحة الوطن. فالبرادعي كأي دبلوماسي ينتقي كلماته بدقة شديدة ويزنها بميزان حساس. وعلى حسب علمي لم يذكر البرادعي حتى الأن حسني مبارك بالإسم إلا عندما سأله عمر أديب عن رأيه مباشرةً. كما أنه يتجنب مواجهة صدامية مع النظام بما في ذلك النزول إلى الشارع و الإنضمام إلى المظاهرات. فمن الطبيعي أن يصاب بالإحباط من يتوقعون أداءً سياسياً من البرادعي، ومن الطبيعي أيضاً أن يكون البرادعي هدفاً سهلاً لمن يريد الهجوم عليه. ففي تصوري لن ينجح البرداعي كسياسي طالما بقت رسالته محدودة في أهمية التحول الديمقراطي وتعديل الدستور والحكم الرشيد. وهي رسالة شديدة الأهمية ولكن لا تجد غير أذان الشريحة المثقفة التي تتأكل يوم بعد يوم. وطالما لا يربط البرادعي بين الديمقراطية ورغيف الخبز وأنبوبة البوتاجاز و كيلو اللحمة وكل الهموم التي تمس أوتار ملايين المصرين، سينتهي حيث إنتهى الأخرين من قبله: رغبة في التغيير بلا محرك ولا دعم شعبي.

أما البرادعي الحلم فهو مستوى أخر من الأداء ومستوى أكبر من طموحات الرئاسة. هو حلم أيقظ الألاف بل الملايين من سبات عميق، هو حلم حرك المياه الراكدة المتعفنة، هو حلم ألهم الشباب الذي لا يعرف غير مبارك والطوارئ. هو الأمل في عقد إجتماعي جديد ودولة مدنية حديثة، هو الأمل في بديل حقيقي بعد أن ظنت الغالبية الصامتة أنها لن تغير شيء من ما أعد لها.
الكرة الأن في ملعب المصريين. فمن الواضح أن البرادعي يراهن علينا ولن يواجه النظام إلا إذا رأى فينا الرغبة الحية والحقيقية في التغيير. فلو بقينا ساكنين فعلينا أن نتحمل نتيجة سلبيتنا من إستبداد وقمع وحبس وسلب للحريات ونهب للثروات وفساد على جميع المستويات وإنهيار في كل الخدمات وفشل إقليمي ودولي.
ولكن لو تحركنا ووقفنا وراء البرادعي الحلم سنعطي لأنفسنا و للأجيال القادمة فرصة ذهبية قد تكون الوحيدة لتستعيد مصر مكانتها الدولية ويستعيد أبناء مصر ثروات بلادهم.
طوال طريق العودة من بوسطن إلى مونتريال هطلت أمطار وثلوج كثيفة كأن الشتاء الكندي الطويل يقول كلمات الوداع الأخيرة، ليبدء ربيع جديد يأتي بالأمل.
ادعو كل مصري ومصرية للتوقيع على بيان الجمعية الوطنية للتغيير. لقد حان الوقت أن يأتي الربيع إلى مصر بعد شتاء طويل لم ترى فيه غير سحب مظلمة و ظالمة.

ملحوظة أخيرة:
عظيمة انتي يا مصر بأولادك وبناتك! رأيت وقابلت خلال زيارتي عقول مصرية نجحت ولمعت اسماءها في الخارج لأنها عاشت في أجواء سمحت لها أن تبدع وأن تنطلق ليس لأنها تكتب تقارير لمباحث أمن الدولة ولكن لأنها تكتب علم أفاد الانسانية.

روابط التغطية الاعلامية: المصري اليوم، الشروق
.

Share/Bookmark

No comments: